ناجي سلطان الزهيري
علي بائع الشاي قدم من مدينة قلعة سكر التابعة لمحافظة ذي قار ، جاء الى بغداد ليوفر الخبزة لعائلته المكونة من خمسةِ اشخاص ، بالقرب من قلعة سكر آبار نفط تنتج مئات الآلاف من براميل النفط يومياً ، أموال النفط تذهب الى جيوب الفاسدين والى مدن ومناطق بعيدة عن جغرافية هذه الآبار ، العمالة فيها من الماليزيين وغيرهم من الأجانب ، لم تسنح فرصة لعلي ليعمل في احد الحقول النفطية فقد أكتشفت لتكون مصدراً مالياً لغيره ، علي ذهب الى بغداد وترك خلفه عائلة لاتملك بيتاً حتى ان فاتحته أُقيمت في بيت عمّه ، ترك أباً يعمل في ( مسطَر ) العمّالة ، تسعة عشر عاماً عُمرُ علي الجميل شكلاً والأجمل في قلب وعقل أبيه وأمّه ، حتماً ان والدة علي رشّت المال خلفه عندما خرج من البيت متجهاً الى بغداد ومع الماء جملة ( وداعة الله يمّه ) ، الجملة التقليدية لأمهاتنا اللواتي شبِعن ( بواجي ) طيلة سنوات العمر ، حروب اشترك فيها الآباء والأزواج والإخوة والأبناء ، أمهاتنا لايُفصلنّ ثياباً ملونه لأن السواد مستمر من ( دورة سنة ) الى أخرى ، يلبسن السواد حتى على الجيران ، ولا يكاد يمر اربعين المتوفي أو ( دورة السنة ) حتى يُفجعن بمصيبة أخرى ، لذلك كل ملابسهن باللون الأسود ، علي ليس استثناءً فمثله الآلاف الذين قُتلوا بمثل هذه الطريقة الإجرامية البشعة ، لكن ذاكرتنا ضعيفة للأسف ، مئات التفجيرات شهدتها مساطر العمال والمقاهي والمطاعم والأسواق ومجالس العزاء وحتى الأعراس ، في تفجير واحد في الكرادة ذهب اكثر من ثلاثمئة شاب كان يعمل من أجل ان يجلب خبزة الى أهله كما هو علي ابن قلعة سكر ، وكم علي قادم يا أيها الموت الذي لايتعامل بالمفرد في بلادي إلا بالجملة إرضاءً لنزوات أو أجندات إجرامية محترفة ، كم أُم ستُفجع كما أم علي ، لماذا نموت في غير اوقاتنا الطبيعية التي منحها لنا الله كما الناس في العام الآخر خارج العراق ؟ يا أيها القتلة المجرمون ماذا تُريدون منّا بعد ، لم يزاودكم أحد على شيء ، النفط ؟ انتم تأخذونه ، تأخذونه منذ ان جئتم الى السلطة كما كان يفعل من هو قبلكم ، ألا يكفيكم النفط وامواله ؟ ألا يكفيكم القصور والجواري والجكسارات والمصفحات والطائرات الخاصة وليالي الأُنس ، لماذا لاتتركون علي يُبيع الشاي ليرسل كم ديناراً يشتروا به الخبز الى إخوانه وأخواته ، الشاي بربع دينار أيها القتلة ، حتى هذا الربع تُريدون ان تستولوا عليه ؟ من أي طينة انتم ؟ اي نذالة وخسة مزجت بنطفكم القذرة ؟ يا أيها الساسةُ الأنجاس من اليمين الى اليسار ومن الخلف الى الأمام ، بكل مسمياتكم القبيحة النتنه ، كلكم ولا استثناء ، دمُ علي ومن معه ومن قبله ومن بعده برقابكم مع سبق الإصرار ، دمُ علي وزملاءه سيلاحقكم وحتماً ستكون نهاياتكم كنهاية من كان قبلكم من الجبابرة والطغاة .