حكومة الكهرباء

بقلم : ناجي سلطان الزهيري

حال الكهرباء في العراق تختصر الكثير اذا لم يكن جميع المحن والمشاكل في العراق حتى من ناحية الإشاعات والمؤامرات والجدل والنقاشات والعلاقة مع الدولة ، أمر الكهرباء في العراق قديم جديد ويتجدد كل عام بداية الشهر الخامس صعوداً والحال هذا العام كما في الأعوام التي سبقته واعتقد سيبقى مع بقاء هذه الطبقة السياسية المنقطة عن مشاكل المواطن كإنقطاع التيار الكهربائي في الصيف ، مليارات ومليارات ومليارات والحال كما هو ، البعض يعزوا ذلك للمؤامرة والبعض للفساد والبعض لعدم الخبرة والبعض للمقصودية وووو ، لكن الحقيقة الأكيدة ان الوضع كما هو لم يتغير واعتقد لن يتغير ، الكهرباء أحد أهم أسباب حقد المواطن على  الحكومة والطبقة السياسية لأنها تعني كل شيء بالنسبة للمواطن وتنعكس حتى على حالته النفسية ووضعه الإقتصادي وعمله وراحته ، والإزعاج الذي تتسببه محنة الكهرباء تجعل الإنسان متوتراً وغير مستقر حتى في منامه من حديث ( إجت الكهرباء انقطعت الكهرباء ، حوّل المولد إنقطع المولد ، عاطل مولد الشارع ، شغل مولد البيت ، بدل دهن ، جيب بانزين ، عطل المولد ، شغّل العاكس عطل الباتري اشتري باتري ) كل هذا صراع يومي تعيشه كل العائلة صغيراً وكبيراً وينتج عنه كذلك مصاريف اضافية ترهق المواطن البسيط ومتوسط الدخل ، وضع الكهرباء في العراق هو انعكاس للوضع العام في العراق فمتى يستقر وضعها يستقر وضع العراق بصورة عامة وكما هو الحال الذي ذكرته بين قوسين أعلاه فهو مشابه لهذا ( فاز فلان خسر فلان ، اجتمع فلان مع فلان ، اتهام فلان من قبل فلان ، سيتحالف فلان مع فلان ، صرّح فلان وغرّد فلان ، وووو) وسيبقى فلان وفلان لاتنقطع عندهم الكهرباء و ( مريشين ) ويبقى المگرود فلان وفلان يتنقل بين ( الوطنية ) ومولد الشارع ومولد البيت والعاكس والظلمة والحر ، وفلان مايدري بضيم فلان .

  • Related Posts

    المركز الثقافي العراقي في لندن يستضيف الباحث البريطاني عالم الآثار الدكتور John Simpson

    المركز الثقافي العراقي في لندن يستضيف الباحث البريطاني عالم الآثار الدكتور 

    John Simpson

    وذلك بتاريخ ٢٠٢٥/٥/٢٣

    الموت مقابل الخبز

    ناجي سلطان الزهيري

    علي بائع الشاي قدم من مدينة قلعة سكر التابعة لمحافظة ذي قار ، جاء الى بغداد ليوفر الخبزة لعائلته المكونة من خمسةِ اشخاص ، بالقرب من قلعة سكر آبار نفط تنتج مئات الآلاف من براميل النفط يومياً ، أموال النفط تذهب الى جيوب الفاسدين والى مدن ومناطق بعيدة عن جغرافية هذه الآبار ، العمالة فيها من الماليزيين وغيرهم من الأجانب ، لم تسنح فرصة لعلي ليعمل في احد الحقول النفطية فقد أكتشفت لتكون مصدراً مالياً لغيره ، علي ذهب الى بغداد وترك خلفه عائلة لاتملك بيتاً حتى ان فاتحته أُقيمت في بيت عمّه ، ترك أباً يعمل في ( مسطَر ) العمّالة ، تسعة عشر عاماً عُمرُ علي الجميل شكلاً والأجمل في قلب وعقل أبيه وأمّه ، حتماً ان والدة علي رشّت المال خلفه عندما خرج من البيت متجهاً الى بغداد ومع الماء جملة ( وداعة الله يمّه ) ، الجملة التقليدية لأمهاتنا اللواتي شبِعن ( بواجي ) طيلة سنوات العمر ، حروب اشترك فيها الآباء والأزواج والإخوة والأبناء ، أمهاتنا لايُفصلنّ ثياباً ملونه لأن السواد مستمر من ( دورة سنة ) الى أخرى ، يلبسن السواد حتى على الجيران ، ولا يكاد يمر اربعين المتوفي أو ( دورة السنة ) حتى يُفجعن بمصيبة أخرى ، لذلك كل ملابسهن باللون الأسود ، علي ليس استثناءً فمثله الآلاف الذين قُتلوا بمثل هذه الطريقة الإجرامية البشعة ، لكن ذاكرتنا ضعيفة للأسف ، مئات التفجيرات شهدتها مساطر العمال والمقاهي والمطاعم والأسواق ومجالس العزاء وحتى الأعراس ، في تفجير واحد في الكرادة ذهب اكثر من ثلاثمئة شاب كان يعمل من أجل ان يجلب خبزة الى أهله كما هو علي ابن قلعة سكر ، وكم علي قادم يا أيها الموت الذي لايتعامل بالمفرد في بلادي إلا بالجملة إرضاءً لنزوات أو أجندات إجرامية محترفة ، كم أُم ستُفجع كما أم علي ، لماذا نموت في غير اوقاتنا الطبيعية التي منحها لنا الله كما الناس في العام الآخر خارج العراق ؟ يا أيها القتلة المجرمون ماذا تُريدون منّا بعد ، لم يزاودكم أحد على شيء ، النفط ؟ انتم تأخذونه ، تأخذونه منذ ان جئتم الى السلطة كما كان يفعل من هو قبلكم ،  ألا يكفيكم النفط وامواله ؟ ألا يكفيكم القصور والجواري والجكسارات والمصفحات والطائرات الخاصة وليالي الأُنس ، لماذا لاتتركون علي يُبيع الشاي ليرسل كم ديناراً يشتروا به الخبز الى إخوانه وأخواته ، الشاي بربع دينار أيها القتلة ، حتى هذا الربع تُريدون ان تستولوا عليه ؟ من أي طينة انتم ؟ اي نذالة وخسة مزجت بنطفكم القذرة ؟ يا أيها الساسةُ الأنجاس من اليمين الى اليسار ومن الخلف الى الأمام ، بكل مسمياتكم القبيحة النتنه ، كلكم ولا استثناء ، دمُ علي ومن معه ومن قبله ومن بعده برقابكم مع سبق الإصرار ، دمُ علي وزملاءه سيلاحقكم وحتماً ستكون نهاياتكم كنهاية من كان قبلكم من الجبابرة والطغاة .

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ثقافة وفنون

    المركز الثقافي العراقي في لندن يستضيف الباحث البريطاني عالم الآثار الدكتور John Simpson

    • مايو 16, 2025
    • 11 views
    المركز الثقافي العراقي في لندن يستضيف الباحث البريطاني عالم الآثار الدكتور John Simpson

    الموت مقابل الخبز

    • مايو 16, 2025
    • 11 views

    ماتَ السيّد

    • مايو 16, 2025
    • 10 views

    حكومة الكهرباء

    • مايو 16, 2025
    • 10 views

    أ ف ب: بوتين يعزل رئيس القوات البرية للجيش الروسي

    • مايو 16, 2025
    • 6 views

    المتحدث باسم الحكومة: العراق لم يطلب الحضور لاجتماعات ترامب بالسعودية

    • مايو 16, 2025
    • 7 views